تقرير: السالك زيد
يوجد الآن بين أيدي الدرك الوطني 25 معتقلا على إثر مداهمات لمخازن في مناطق متفرقة بنواكشوط تحتوي كميات كبيرة من حبوب الهلوسة المحرمة في البلدـ.
العملية التي بدأت في الثاني من الشهر الجاري، اعتبرها الدرك الوطني نوعية والأولى من نوعها لمحاربة الاتجار بالأدوية الممنوعة، تم عرض خلالها رشاوى بمبالغ مالية كبيرة لبعض أفراد الدرك من قبل بعض الموقوفين.
لكن من أين أتت هذه الكميات الكبيرة؟ وما هو نوع هذه الحبوب ؟
موقع “تقصي” ومن خلال استخدام المصادر المفتوحة يكشف عن معلومات لم تظهر خلال النقاش الكبير حول هذه العملية في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
شركة هندية مصنعة
من خلال بحثنا عن مكان تصنيع الأدوية، وجدنا أن ثلاثة أنواع من الأدوية المصادرة تم تصنيعهما من طرف شركة هندية واحدة.
شركة Hab Pharma شركة هندية تمتلك مقرين أحدهما في مدينة مومباي والثاني في مدينة داهاردون.

تصنع هذه الشركة نوعين من الأدوية التي تمت مصادرتهما في نواكشوط خلال الأيام الماضية، وهما Pregabalin Capsules IP 300 mg أما النوع الثاني فهو DRIVIL-50، يتمثل الخطر في هذا النوعين من الأدوية هو عمل الموردين له على أن يدخل بطريقة غير شرعية ويتم ضخه في السوق السوداء، ويمنع استخدامهما في كثير من الدول بدون وصفة طبية، لما لهما من أثار جانبية على المستخدم.

يصف موقع NHS البريطاني Pregabalin Capsules IP 300 mg على أن بعض مستخدميه يصابون بالهلوسة والصرع وبعضهم يفكر بالانتحار أو التسبب في الإيذاء.
فيما يعتبر النوع الثاني المصادر DRIVIL-50 كمنشط جنسي، لكنه يمنع استخدامه دون وصفة وله تأثيرات صحية على المستخدم.
الشركة نفسها تصنع أيضا النوع الثالث المصادر ضمن حملة الدرك الوطني على تجار حبوب الهلوسة كما باتت تعرف محليا، وهذا النوع هو Metronidazole BP 500 mg
شركة Hab pharma الهندية تم إنشاؤها عام 1980 وعلى موقعها الكتروني تؤكد أنها تصدر أدويتها إلى 17 دولة من حول العالم.
آخر مشكلة لهذه الشركة كانت في مارس من العام الجاري، عندما أعلنت السلطات في سنغافورة عن دخول تسعة أشخاص إلى المستشفى بين فبراير 2024 وفبراير 2025 بسبب مشاكل جلدية خطيرة بسبب استخدامها لأدوية غير مرخص لدخولها إلى البلاد، وتبين بعد ذلك في تقرير صحفي لموقع TOI أن هذه الأدوية تصنعها شركة Hab pharma من خلال فرعها الموجود في داهاردون، ونفت الشركة للموقع أن تكون قد صدرت أدويتها إلى سنغافورة.

ومن خلال البحث الذي أجريناه في موقع “تقصي” وجدنا أن أدوية هذه الشركة يتم تصديرها إلى عدد من الدول من قبل وسطاء لأجل شركات أو صيدليات ويتم ضخها في السوق السوداء دون أن تأخذ الطرق القانونية.
ومن الواضح أن هذا هو السبب وراء وضع الأدوية المصادرة في نواكشوط في مستودعات سرية في انتظار توزيعها داخل السوق المحلي، حيث أكد الدرك الوطني أن شاحنة من الأدوية كانت ستتوجه إلى ازويرات.
اتصلنا هاتفيا بشركة Hab pharma من أجل سؤالها عن الأدوية المصادرة المرتبطة بها، لكن الهاتف ظل يرن دون أن يجيب أحد.
صادرات الأدوية من الهند إلى موريتانيا
لا توجد معلومات رسمية حول صادرات شركة Hab pharma إلى موريتانيا، وهذا ما يؤكد فرضية استيراد الأدوية المصنعة من طرف الشركة عن طريق وسطاء وبطرق غير قانونية.
غير أن الهند التي تتصدر العالم من حيث صادرات الأدوية، فوق الولايات المتحدة والصين ارتفعت صادراتها إلى موريتانيا خلال الفترة الأخيرة.
حسب موقع Volza’s India Export Data يوجد في موريتانيا 125 شركة لاستيراد الأدوية من 76 مصدرا من حول العالم.
وحسب نفس المصدر فقد ارتفعت واردات موريتانيا من الأدوية القادمة من الهند إلى 261 شحنة ما بين اكتوبر 2023 و سبتمبر 2024 وتم شراء هذه الشحنات من 17 مصدرا من طرف 23 شركة في موريتانيا.
تكتم كبير على الأسماء
من الحين الآخر صادر السلطات في موريتانيا كميات من الأدوية المزورة والمحرمة وحبوب الهلوسة، لكن لا يتم إعلان أسماء الموردين الذين يدخلون هذه الشحنات.
والآن ورغم وصول عدد المعتقلين إلى 25 شخصا عند الدرك الوطني، إلا أنه لم ينشر بشكل رسمي معلومات حول المعتقلين والشركات المرتبطين بها.
التكتم على أسماء أصحاب هذه الممارسات خلق نوعا من عدم التفاؤل عند الكثيرين بخصوص الجدية في محاربة النظام لهذه الممارسات.