تقرير: حامد المختار
محمد فال الشيخ مولود عام 1984 لأسرة تسكنها القضية الفلسطينية خاصة والدته مدرسة القرآن التي تمضي وقت فراغها في متابعة أخبار فلسطين والدعاء لأهلها.
شارك محمد فال خريج المحظرة والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية – الذي يزاول مهنة الصحافة منذ أزيد من عقد من الزمن – في أسطول الصمود العالمي وأمضى قرابة عشرين يوما مبحرا إلى غزة.
عشرون يوما غطى خلالها رحلة الأسطول إلى القطاع المحاصر، من خلال نشر مقاطع فيديو ومنشورات على حسابه الشخصي على فيسبوك، وقد لاقت المقاطع التي نشرها تفاعلاً واسعا زاد معه عدد متابعي صفحته بأزيد من 100 ألف متابع وهو ما عكس اهتمام الموريتانيين بتتبع أخبار الأسطول.
فُقد الاتصال بمحمد فال قبل يومين ليتأكد بعدها توقيف الاحتلال له في مدينة أسدود التي تبعد نحو 30 كيلومترا عن الحدود الشمالية لقطاع غزة.

ردود فعل العائلة
“كان إجراء التوقيف متوقعا وقد تلقينا خبر الاعتقال بشكل عادي” هكذا صرحت خديجة الزين زوجة الصحفي محمد فال الشيخ لتقصي، مضيفة أن جميع أفراد الأسرة مهمومين منذ بداية الحرب بما يجري في قطاع غزة ويحز في أنفسهم العجز الحاصل في القدرة على مساعدة ساكنة القطاع المحاصر وخاصة والدة محمد فال
تروي خديجة أنه في يناير من هذا العام منحت والدة محمد فال مدرسة القرآن تلامذتها إجازة فرحا بالهدنة بين الاحتلال وحركة المقاومة الإسلامية حماس والتي دخلت حيز التنفيذ في 19 من يناير.

أما والد محمد فال فهو الشخص الوحيد من أفراد الأسرة الذي لا علم له بالرحلة فقد آثروا عدم إخباره مراعاة لوضعه الصحي
تخلص خديجة إلى أن المشاركة في أي تظاهرة أو نشاط يساعد سكان غزة أمر عادي وأن الفرصة التي أتيحت لزوجها لو أتيحت لأي موريتاني فسيشارك بدون تردد ف”نحن شعب مرتبط ومتعلق بهذه القضية لأنها ببساطة عقيدة نتوارثها جيلا عن جيل”
معايير المشاركة في الأسطول
أتاحت تنسيقية الصمود الموريتانية استمارة للراغبين في المشاركة تجسدت معاييرها في:
- القدرة البدنية والخلو من الأمراض المزمنة
- سلامة صحيفة السوابق العدلية
- القدرة على تحمل تكاليف السفر إلى تونس
وللأسطول العالمي تفضيلاته فيما يتعلق بالمشاركين حيث كانت حظوظ مزدوجي الجنسية والشخصيات العامة والإعلاميين والأطباء والنواب البرلمانيين في المشاركة أكثر من غيرهم، وقد خضع المؤهلون للمشاركة في الأسطول لتدريبات قانونية وحقوقية وأخرى عن كيفية التعامل مع الاقتحام بالإضافة للخضوع لتحضير وتأهيل نفسي للرحلة
المشاركة الموريتانية في الأسطول
أحمد جدو رفيق محمد فال الشيخ في مراحل من الرحلة يصفه بالمناضل الجسور وبأنه كان دينامو الوفد الموريتاني
يضيف أحمد جدو أنه أمضى ومحمد فال وبقية الوفد الموريتاني أياما في تونس مليئة بالتحديات والضغوط، إلا أن الوفد بجميع أفراده كان مصرا على المشاركة في الأسطول واضعا غزة نصب عينيه.

سافر من موريتانيا إلى تونس 13 شخصا وانضم اثنان آخران إليهم ليصبح العدد 15 شخصا، لكن لم يحصل الوفد في النهاية إلا على 7 مقاعد، بعد الكثير من المحاولات والمفوضات والأزمات، وبعد ذلك تجددت الأزمات فقد حالت أعطال ميكانيكية ومشاكل لوجستية في السفن دون تمكن الوفد الموريتاني من المشاركة في الأسطول باستثناء محمد فال الشيخ الذي كان على متن سفينة “دير ياسين” المخصصة لأعضاء المنسقية المغاربية
الدكتور أحمد الهيبه مامين أحد الموريتانيين الذين حالت معايير منسقية أسطول الصمود العالمي المتعلقة بالسفن دون مشاركتهم في أسطول الصمود أبحر إلى إيطاليا من أجل الالتحاق بالأسطول إلا أن المشرفين على الأسطول لم يسمحوا لسفينة “قمر” الموريتانية – التي كان وموريتانيون آخرون على متنها – بالإبحار إلى غزة لكونها سفينة شراعية لا مزود بالوقود بها ولأن تركيا واليونان لم تعودا تسمحان بتوقف السفن.
أبحر أحمد الهيبة مامين وموريتاني آخر هو البروفسير محمد باب سعيد رفقة تونسيين وأتراك على متن سفينة أخرى غير أن تعطلها وسط البحر أدى إلى رجوعهم إلى الشواطئ الإيطالية، ليقرر بقية الوفد الموريتاني التوجه إلى تونس ومنها إلى موريتانيا يوم الأحد 05/10/2025
جهود لإطلاق سراح محمد فال والاطمئنان على سلامته
وفق منشور نشر على صفحة الصحفي محمد فال فإن وزارة الخارجية الموريتانية قد تحققت عبر القنوات الدبلوماسية من سلامته، وأنها باشرت اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان الإفراج عنه وترحيله إلى موريتانيا عبر المملكة المغربية.
الصحفي في قناة العربي وأحد المشاركين في الأسطول في مراحله الأولى عبد الله سيديا نشر على صفحته على فيسبوك قبل أزيد من 24 ساعة نقلا عن زميل له أن محامية تواصلت مع محمد فال وأنه بصحة جيدة وقد وقع ورقة الإبعاد ويجري تنسيق رحلة إبعاده في غضون 72 ساعة
بعد فقد الاتصال بمحمد فال، أصدرت التنسيقية الموريتانية لكسر الحصار عن قطاع غزة بيانا دعت فيه الشعب الموريتاني لمواصلة الضغط من أجل إطلاق سراحه، كما بحث برلمانيون مع وزير الخارجية محمد سالم ولد مرزوك وضعية احتجاز محمد فال والسبل الممكنة لإطلاق سراحه.
قبل الانتهاء من هذا التقرير فرح الموريتانيون بخبر وصول الصحفي محمد فال الشيخ إلى تركيا مع مجموعة من الناشطين، وسط مشاركة كبيرة لصوره حيث اعتبر عدد كبير من السياسيين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أنه ساهم في جعل اسم موريتانيا ضمن جنسيات المشاركين في الأسطول الأول من نوعه لفك الحصار عن غزة منذ بداية الحرب عليها.